محبوب مؤسس موقع محب
عدد المساهمات : 879 نقاط : 2501 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/09/2011 العمر : 34
| موضوع: الحديث رقم 50 للشيخ الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى الخميس مايو 31, 2012 6:32 pm | |
|
" إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة بيمينه فقال : هذه لهذه ولا أبالي وقبض قبضة أخرى , يعني : بيده الأخرى , فقال : هذه لهذه ولا أبالي " .
قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 78 : رواه أحمد ( 55 / 68 ) عن " أبي نضرة " قال : " مرض رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فدخل عليه أصحابه يعودونه , فبكى , فقيل له : ما يبكيك يا عبد الله ! ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقاني ? قال : بلى , ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكره , وقال في آخره : ) فلا أدري في أي القبضتين أنا " . وإسناده صحيح . وفي الباب عن أبي موسى وأبي سعيد وغيرهما فليراجعها من شاء في " مجمع الزوائد " ( 6 / 186 - 187 ) . وحديث أبي موسى في " حديث لوين " ( 26 / 1 ) وفيه روح بن المسيب وهو صويلح كما قال ابن معين . واعلم أن الباعث على تخريج هذا الحديث و ذكر طرقه أمران : الأول : أن أحد أهل العلم وهو الشيخ محمد طاهر الفتني الهندي أورده في كتابه " تذكرة الموضوعات " ( ص 12 ) وقال فيه : " مضطرب الإسناد " ! ولا أدري ما وجه ذلك فالحديث صحيح من طرق كما رأيت , ولا اضطراب فيه , إلا أن يكون اشتبه عليه بحديث آخر مضطرب أو عنى طريقاً أخرى من طرقه , ثم لم يتتبع هذه الطرق الصحيحة له . والله أعلم . والثاني : أن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذه الأحاديث - ونحوها أحاديث كثيرة - تفيد أن الإنسان مجبور على أعماله الاختيارية , ما دام أنه حكم عليه منذ القديم وقبل أن يخلق بالجنة أو النار , وقد يتوهم آخرون أن الأمر فوضى أو حظ فمن وقع في القبضة اليمنى كان من أهل السعادة , ومن كان من القبضة الأخرى كان من أهل الشقاوة , فيجب أن يعلم هؤلاء جميعاً أن الله ( ليس كمثله شيء ) لا في ذاته ولا في صفاته , فإذا قبض قبضة فهي بعلمه وعدله وحكمته , فهو تعالى قبض باليمنى على من علم أنه سيطيعه حين يؤمر بطاعته , وقبض بالأخرى على من سبق في علمه تعالى أنه سيعصيه حين يؤمر بطاعته , ويستحيل على عدل الله تعالى أن يقبض باليمنى على من هو مستحق أن يكون من أهل القبضة الأخرى , والعكس بالعكس , كيف والله عز وجل يقول : ( أفنجعل المسلمين . كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون ) . ثم إن كلا من القبضتين ليس فيها إجبار لأصحابهما أن يكونوا من أهل الجنة أو من أهل النار , بل هو حكم من الله تبارك وتعالى عليهم بما سيصدر منهم من إيمان يستلزم الجنة , أو كفر يقتضي النار والعياذ بالله تعالى منها , وكل من الإيمان أو الكفر أمران اختياريان , لا يكره الله تبارك وتعالى أحداً من خلقه على واحد منهما ( فمن شاء فليؤمن , ومن شاء فليكفر ) , وهذا مشاهد معلوم بالضرورة , ولولا ذلك لكان الثواب والعقاب عبثاً , والله منزه عن ذلك . ومن المؤسف حقاً أن نسمع من كثير من الناس حتى من بعض المشايخ التصريح بأن الإنسان مجبور لا إرادة له ! وبذلك يلزمون أنفسهم القول بأن الله يجوز له أن يظلم الناس ! مع تصريحه تعالى بأنه لا يظلمهم مثقال ذرة , وإعلانه بأنه قادر على الظلم ولكنه نزه نفسه عنه كما في الحديث القدسي المشهور : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... " وإذا جوبهوا بهذه الحقيقة , بادروا إلى الاحتجاج بقوله تعالى : ( لا يسأل عما يفعل ) , مصرين بذلك على أن الله تعالى قد يظلم ولكنه لا يسأل عن ذلك ! تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً , وفاتهم أن الآية حجة عليهم لأن المراد بها - كما حققه العلامة ابن القيم وغيره - أن الله تعالى لحكمته وعدله في حكمه ليس لأحد أن يسأله عما يفعل , لأن كل أحكامه تعالى عدل واضح فلا داعي للسؤال . وللشيخ يوسف الدجوي رسالة مفيدة في تفسير هذه الآية لعله أخذ مادتها من ابن القيم فلتراجع . هذه كلمة سريعة حول الأحاديث المتقدمة حاولنا فيها إزالة شبهة بعض الناس حولها فإن وفقت لذلك فبها ونعمت , وإلا فإني أحيل القارىء إلي المطولات في هذا البحث الخطير , مثل كتاب ابن القيم السابق , وكتب شيخه ابن تيمية الشاملة لمواضيع هامة هذه أحدها .
| |
|