محبوب مؤسس موقع محب
عدد المساهمات : 879 نقاط : 2501 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 14/09/2011 العمر : 34
| موضوع: الحديث رقم 32 الجمعة مايو 18, 2012 6:17 pm | |
| الحديث رقم 32" أقيموا صفوفكم ثلاثا , والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن بين قلوبكم " .قال الألباني في السلسلة الصحيحة 1 / 39 : أخرجه أبو داود ( رقم 662 ) , وابن حبان ( 396 ) , وأحمد ( 4 / 276 ) , والدولابي في " الكنى " ( 2 / 86 ) عن أبي القاسم الجدلي حسين بن الحارث , قال : سمعت " النعمان بن بشير " يقول : " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه فقال : ..." فذكره , قال : " فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه , وركبته بركبة صاحبه , وكعبه بكعبه " . قلت : وسنده صحيح , وعلقه البخاري مجزوما به , ووصله ابن خزيمة أيضا في " صحيحه " كما في " الترغيب " ( 1 / 176 ) و" الفتح " ( 2 / 176 ) . ثم رواه الدولابي من طريق بقية بن الوليد , حدثنا حريز قال : سمعت غيلان المقرىء يحدث عن أبي قتيلة مرثد بن وداعة ( قال : سمعت ) النعمان بن بشير يقول : فذكره . وهذا سند لا بأس به في المتابعات , ورجاله ثقات غير غيلان المقرىء , ولعله غيلان بن أنس الكلبي مولاهم الدمشقي , فإن يكن هو , فهو مجهول الحال , روى عنه جماعة , وقال الحافظ : إنه مقبول . فقه الحديث : وفي هذين الحديثين فوائد هامة : الأولى : وجوب إقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها , للأمر بذلك , والأصل فيه الوجوب إلا لقرينة , كما هو مقرر في الأصول , والقرينة هنا تؤكد الوجوب وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . فإن مثل هذا التهديد لا يقال فيما ليس بواجب , كما لا يخفى . الثانية : أن التسوية المذكورة إنما تكون بلصق المنكب بالمنكب , وحافة القدم بالقدم , لأن هذا هو الذي فعله الصحابة رضي الله عنهم حين أمروا بإقامة الصفوف ولهذا قال الحافظ في " الفتح " بعد أن ساق الزيادة التي أوردتها في الحديث الأول من قول أنس : " وأفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته " . ومن المؤسف أن هذه السنة من التسوية قد تهاون بها المسلمون , بل أضاعوها إلا القليل منهم , فإني لم أرها عند طائفة منهم إلا أهل الحديث , فإني رأيتهم في مكة سنة ( 1368 ) حريصين على التمسك بها كغيرها من سنن المصطفى عليه الصلاة والسلام بخلاف غيرهم من أتباع المذاهب الأربعة - لا أستثني منهم حتى الحنابلة - فقد صارت هذه السنة عندهم نسياً منسياً , بل إنهم تتابعوا على هجرها والإعراض عنها , ذلك لأن أكثر مذاهبهم نصت على أن السنة في القيام التفريج بين القدمين بقدر أربع أصابع , فإن زاد كره , كما جاء مفصلا في " الفقه على المذاهب الأربعة " ( 1 / 207 ) , والتقدير المذكور لا أصل له في السنة , وإنما هو مجرد رأي , ولو صح لوجب تقييده بالإمام والمنفرد حتى لا يعارض به هذه السنة الصحيحة , كما تقتضيه القواعد الأصولية . وخلاصة القول : إنني أهيب بالمسلمين - و خاصة أئمة المساجد - الحريصين على اتباعه صلى الله عليه وسلم واكتساب فضيلة إحياء سنته صلى الله عليه وسلم أن يعملوا بهذه السنة ويحرصوا عليها , ويدعوا الناس , إليها حتى يجتمعوا عليها جميعا . وبذلك ينجون من تهديد " أو ليخالفن الله بين قلوبكم " . الثالثة : في الحديث الأول معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم , وهي رؤيته صلى الله عليه وسلم من ورائه , ولكن ينبغي أن يعلم أنها خاصة في حالة كونه صلى الله عليه وسلم في الصلاة , إذ لم يرد في شيء من السنة , أنه كان يرى كذلك خارج الصلاة أيضا . والله أعلم . الرابعة : في الحديثين دليل واضح على أمر لا يعلمه كثير من الناس , وإن كان صار معروفا في علم النفس , وهو أن فساد الظاهر يؤثر في فساد الباطن , والعكس بالعكس , وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة , لعلنا نتعرض لجمعها وتخريجها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالي . الخامسة : أن شروع الإمام في تكبيرة الإحرام عند قول المؤذن " قد قامت الصلاة " بدعة , لمخالفتها للسنة الصحيحة كما يدل على ذلك هذان الحديثان , لاسيما الأول منهما , فإنهما يفيدان أن على الإمام بعد إقامة الصلاة واجبا ينبغي عليه القيام به , وهو أمر الناس بالتسوية مذكرا لهم بها , فإنه مسؤول عنهم : " كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته ... " .
| |
|